الجزائريون لماكرون: لا تتدخل في شؤون بلادنا

استقبل قصر الإليزيه بباريس، العديد من المكالمات الهاتفية لجزائريين يطالبون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعدم التدخل في شؤون البلاد وذلك إثر التصريح الذي أدلى به الرئيس الفرنسي الثلاثاء الماضي في مؤتمر صحفي.

وكان ماكرون قد قال إنّه « يحيي قرار الرئيس بوتفليقة بالعدول عن الترشح لولاية رئاسية خامسة » مضيفا خلال زيارته إلى جيبوتي أنّ « قرار الرئيس بوتفليقة يفتح صفحة جديدة في التاريخ الجزائري ».

وأردف: « أحيي تعبير الشعب الجزائري لاسيما الشباب عن تطلعاته ورغبته في التغيير ».

وإثر تصريح ماكرون، عبّر منتخبون فرنسيون من أصول جزائرية (في بلديات ومجالس أقاليم بفرنسا) عن استنكارهم لترحيب ماكرون بقرار الرئيس بوتفليقة سحب ترشحه لانتخابات أبريل المقبل وفق وسائل إعلام محلية.

ونشر موقع « كل شيء عن الجزائر » أول أمس الأربعاء، رسالة لمنتخبين فرنسيين من أصول جزائرية تستنكر إعلان فرنسا دعمها للرئيس الجزائري وقالوا فيها إن « اختيار فرنسا للترحيب بهذا القرار دون مراعاة البيئة القانونية الجزائرية يعتبره غالبية الجزائريين بمثابة دعم للسلطة ضد دستور البلاد والشعب ».

وأضاف المنتخبون: « نحن، الممثلون المنتخبون للجمهورية الفرنسية وممثلو المجتمع المدني، نتمسك بالصداقة بين بلدينا وشعبينا، ومرتبطين بالشعب الجزائري، بعلاقات أسرية وثيقة وثابتة ».

وكتبوا « نتأسف لهذا التصريح الذي قدمه ماكرون في وقت مبكر جداً للرئيس الجزائري الذي يتجاهل الرفض المطلق لهذه السلطة من قبل الشعب ».

اتصالات مكثفة بالإليزيه
وتداول نشطاء من الجزائر على مواقع التواصل الإجتماعي بعد تصريحات ماكرون أرقاما قالوا إنها لقصر الرئاسة الفرنسي ودعوا إلى الإتصال به لإعلان « رفض تدخل باريس في الشأن الجزائري » .

كما نشروا تعليقات يلتقي أغلبها في « دعوة الرئيس الفرنسي إلى حل مشاكله مع أصحاب السترات الصفراء بدلا من الاهتمام بالشأن الجزائري ».

وتداولوا أيضا فيديوهات تبرز اتصال جزائريين بقصر الإليزيه لمطالبة ماكرون بعدم التدخل في الشأن الجزائري.

ونشر أحد النشطاء فيديو يبرز تشكيله رقم قصر الإليزيه يحادث مستقبل المكالمات قائلا: « هل هذا قصر الإليزيه؟ ». يجيب المستقبل: « نعم ». ويضيف الناشط: « أتصل بكم من الجزائر، هل يمكنني الحديث مع الرئيس ماكرون »..هنا لا يرد المستقبل.

ويعاود الاتصال فجيبه المستقبل « نعم هذا قصر الإليزيه ماذا تريد ». يرد المتصل: « أريد التحدث مع ماكرون »، المستقبل: « لا يمكنك ذلك ». يقول المتصل: « بلغه أن لا يتدخل في الشأن الجزائري، فهو قضية داخلية ».

ويظهر تسجيل آخر اتصال جزائري بالإليزيه بعد تشكيله الرقم قائلا: « صباح الخير، هل يمكنني الحديث مع السيد ماكرون ». يجيبه المستقبل: « للأسف لا، الحديث مع الرئيس غير ممكن، يمكنك أن تترك رسالة ».

فيسأله المتصل: « من فضلك، بلغه رسالة من مواطن يعيش في الجزائر، لا نريده أن يتدخل في شأن بلادنا، وليترك الجزائريين يقررون مصيرهم بأيديهم ويختاروا من يشاؤون رئيسا لهم ».

كما قال أحد المتصلين ساخرا لمستقبلة المكالمات في إحدى الوزارات: « أتصل من شركة سونلغاز الجزائرية ولديكم فاتورة غير مدفوعة نسبتها 20 بالمائة من الغاز الجزائري منذ عام 2000 وجب عليكم دفعها ». ترد المستقبلة: « أخطأت في الرقم، هذه وزارة ».

يعيد المتصل المكالمة: « أنت تتصل بالوزارة ».يجيبها المتصل: « نعم أتصل بالوزارة الأولى (ومقرها قصر ماتينيون بباريس)، وأبعث رسالة إلكترونية إلى ماكرون أخبريه فيها أنّ فرنسا تأخذ ما نسبه 20 بالمائة من الغاز الجزائري مجانا ».

واعتبر الإعلامي الجزائري المقيم في باريس فاتح بولعشب أنّ المسألة رمزية قبل كل شيء ولا تختلف عما فعله جزائريون عندما اتصلوا مئات المرّات بمستشفى جنيف « اطمئنانا » على صحة بوتفليقة أو للمطالبة بإرجاعه إلى البلاد.

وقال بولعشب لـ »الأناضول » إنّه « لا يعتقد أن اتصالات الجزائريين بقصر الإليزيه وقصر الحكومة بإمكانها التأثير في واقع التدخل الفرنسي بالقرار الرسمي الجزائري ».

وأضاف: « ما يمكن أن يغير تعامل السلطات الفرنسية مع القرار السياسي في الجزائر، هو الضغط الحقيقي على أرض الواقع، والقطيعة الحقيقية مع مسؤولي البلدين ».

كما أكدّت الإعلامية دليلة مالك، أنّ « الشعب الجزائري يرفض كل أشكال التدخل الأجنبي، وأن تصريح ماكرون تدخل سافر بالشأن الداخلي »، مضيفة « من حقهم وضع النقاط على الحروف بوسائل مختلفة منها الاتصال بقصر الإليزيه ».

ووصفت تصرفهم بـ »الحضاري الذي يعبر عن رفض التدخل في الشأن الداخلي للبلاد ».

كما شددت الإعلامية على أنّ « الجزائريين واعين بما قد يترتب عن مثل هذه التصريحات الملغمة ».

Quitter la version mobile