حذّر المهندس البيئي والخبير في الشأن المناخي حمدي حشاد من تطورات مقلقة تشهدها مياه البحر الأبيض المتوسط، وخاصة على السواحل التونسية، على خلفية الارتفاع غير المسبوق في حرارة سطح البحر.
وأوضح حشاد، في تدوينة تفسيرية، أن خريطة حديثة صادرة عن نظام الأرصاد« MAX DEFENDER 8 » تُظهر انحرافًا خطيرًا في درجات حرارة سطح البحر، خاصة في المنطقة الغربية والوسطى من حوض المتوسط. وتُبيّن الخريطة أن بعض المناطق، خاصة تلك الممثلة باللون البنفسجي الغامق، تسجّل زيادة تصل إلى +7 درجات مئوية فوق المعدّل الطبيعي.
وأشار إلى أن هذا الارتفاع يشمل سواحل جنوب فرنسا وشمال إيطاليا، لكنه يمتد أيضًا إلى السواحل الشرقية لتونس، من بنزرت إلى صفاقس والمهدية، حيث تُسجّل انحرافات حرارية « مقلقة جدًا »، حسب وصفه.
البحر يولّي « سخون »… والمخاطر تتضاعف
وأضاف حشاد أن ارتفاع حرارة سطح البحر لم يعد مجرّد معطى علمي أو رقم في تقرير، بل أصبح واقعًا ملموسًا يُلاحَظ في الحياة اليومية، حيث أصبح البحر « سخون » حتى في الأعماق، وتغيّر لون المياه، كما زادت ظاهرة انتشار الطحالب، وارتفعت حوادث الغرق حتى في الأيام التي يبدو فيها البحر هادئًا.
وأوضح أن هذا مرتبط بظاهرة « التيارات الساحبة« التي تشتد خطورتها مع ارتفاع حرارة المياه، ما يجعلها أسرع وأكثر فتكًا، خاصة على الشواطئ المفتوحة. وحذّر من أن الشواطئ التونسية فقدت جزءًا من قدرتها الطبيعية على التكيّف، في ظل ضعف المراقبة البحرية وغياب الإمكانيات الكافية للتدخل والإنقاذ.
تهديد مباشر للنظام البيئي والاقتصاد المحلي
وبيّن حشاد أن النظام البيئي البحري في تونس يتأثر بشكل مباشر بهذا التغير المناخي: بعض أنواع الأسماك تُهاجر أو تتناقص، ومردودية الصيد تضعف، ما ينعكس سلبًا على آلاف الصيادين الذين يعتمدون على البحر كمورد رزق.
وأكد أن ما تُظهره الخريطة ليس مجرّد تحذير، بل هو « صفارة إنذار » تستوجب التحرك العاجل، داعيًا إلى وضع خطة وطنية واضحة تشمل:
-مراقبة دورية لحالة البحر.
-تحليل البيانات المناخية باستمرار.
-تنظيم حملات توعية جديّة، لا تقتصر على المواسم الصيفية فقط.
وختم حشاد بالقول:
« إذا ما صارتش مواجهة حقيقية مع هالتحولات المناخية، الصيف في تونس ما عادش يكون مجرّد عطلة وشواطئ… بل مصدر خطر بيئي وصحي واقتصادي. »