ثمّة صور… ما تستحقّش عنوان.
صور تحكي وحدها، تصيح بلا صوت، وتخلي الذاكرة ترجّ.
نعرف إنّو « الصورة » ممكن تغيّر مصير،
أما ثمة صور… تغيّر العالم.
اليوم، نحكيو على صورة ما فيهاش دم،
ما فيهاش سلاح…
أما فيها راجل وقف قدّام دبابة.
مشهد، 5 دقايق… أما مفعولو باقي عقود.
حلقة اليوم: « رجل الدبابة »… الصورة اللي ما ماتتش.
نهار 4 جوان 1989…
بكين ما كانتش مدينة، كانت ساحة حرب.
طلبة، صحافيين، عمّال، حتى عائلات كاملة…
خرجوا يطلبوا إصلاح، عدالة، حرّية تعبير.
لكن جاوبهم النظام بالحديد والنار.
الدبابات دخلت، الكرتوش طيّح الناس،
الدم غمر الشوارع.
العدد؟ ما نعرفوش.
أما الأكيد، إنو اللي صار كان مجزرة.
وما فمّاش لا اعتذار، لا تحقيق، لا اعتراف.
في وسط العتمة، الناس قالت:
« انتهى كل شيء… الشعب انكسر، الصوت تكمّم. »
لكن…
نهار 5 جوان، مع نص نهار،
في شارع تشانغان، قدّام ساحة تيان آن مِن…
خرج راجل.
ماهوش عسكري، ما هوش سياسي،
راجل عادي…
مريولو أبيض، سروالو أكحل، شكاير في يديه.
شاف سرتوط دبّابات جايّة… وما وخرش.
هبّط وقف قدّامهم.
الدبابة الأولى حبست، حاولت تبعد عليه…
رجع وقف قدّامها.
خرج منها جندي، حكاو،
بالعين، بالإيد، بالكلمة اللي ما سمعها حتى حد.
ركب فوق الدبابة، وبعد هبط،
ورجع واقف قدّامها… وحدو.
5 دقايق… العالم يتفرّج.
وفي الآخر، رجال شدّوه من كتافو… وطارو بيه.
ما نعرفوش شكون،
حيّ؟ ميّت؟ سجين؟
أما صورته… ما ماتتش.
[نهزكم لقصة من الحرب | سراييفو، 1993]
في حرب البوسنة.
في سراييفو، طرشقط قذيفة قدّام مخبز،
22 شخص ماتوا.
نهار بعد المجزرة، خرج عازف تشيلو اسمو فيدران سمايلوفيتش.
قعد وسط الركام، ولعب موسيقى للناس اللي ماتوا.
قدّام القنّاصة،
قدّام الموت،
قدّام العالم…
ما قال شي، أما صوته كان أقوى من الرصاص.
« كيما رجل الدبابة… العازف في سراييفو وقف بصمتو،
وخلّى العالم يسمع اللي ما ينقالش. »
[المقارنة مع فلسطين]
كلّهم نسخ من « رجل الدبابة ».
ناس تقول للعالم:
« ما نخافش، حتى من الموت. »
وفي تونس،
ما كانش ثمّة دبابة.
أما كان ثمّة شعب خرج وقال:
« يزي. »
في 2021، الناس قالت:
« ما نحبّوش فساد،
ما نحبّوش نظام يبيع في البلاد. »
الرئيس قيس سعيّد خرج وحدو،
ما عندوش حزب،
ما عندوش مليشيا،
أما عندو كلمة…
وعندو ناس صدّقوه.
« قالها بصوتو: الدولة العميقة ما تتنظفش بالحاكم وحدو…
تتنظف بالشعب. »
الصوت توحّد…
وتحرّك التاريخ.
ما نعرفوش شكون هو « رجل الدبابة »…
أما نعرفو إنو وقف.
وقف وحدو، أما ما كانش وحدو.
وقف قدّام آلة قتل،
وقال، من غير صوت:
« ما نخافش. »
اليوم…
السؤال يرجعلك:
في مواجهة الظلم،
باش توقف؟
ولا باش تتفرّج؟
باش تكون صورة؟
ولا ظلّ في الخلف؟
ما نعرفوش شكون هو « رجل الدبابة »…
أما نعرفو إنو وقف.
وقف وحدو، قدّام آلة قتل،
وقال، من غير صوت:
« ما نخافش. »
في النهاية…
« متخليش روحك بيدق على رقعة الشطرنج…
وكون إنسان يغيّر التاريخ. »
كلّ صورة… ما هيش مجرّد لحظة،
هي موقف،
هي رسالة،
وهي بداية سؤال.