المهاجرة
ثمة صور…
تتعدّى فنّ التصوير.
صور تطيّح فينا جدار الصمت…
وتقول إلّي ما نجموش نقولوه بالكلام.
عندكمش شنوى الي صار في أماريكا في 1936؟
مارس 1936…
أمريكا تغرق في أزمة الكساد برشا.
ناس بلا خدمة، بلا فلوس، بلا دار تحفظ كرامة الإنسان.
ودوروثيا لانغ،
مصوّرة صحفية،
بعثتها الحكومة لتوثيق الحالة متع الناس في الحقول.
كانت في طريق الرجعة للدار،
بعد الخدمة متاعها،
وما عندها نيّة لا باش تحبس على حتى مشكل.
كما أحنا أو مكثر ناس،
نقول: « أنا كي نعود مروح، من جيهاد نحب نعمل نص ساعة ساكت نفهم فيها روحي. »
كما قالت في تصريح متاعها:
« ما كنتش نحب نحبس… وما وقفتش.
ما كنتش نحب حتى نراها…
تعدّيت وكمّلت ثنيتي، شغيت أكا المأساة.
أما بعد عشرين ميل، رجعت… من غير حتى وعي…
كأن الصورة تعيطلي. »
وصلت للمخيّم:
فيه 2500 عامل فلاحي بطّال
منهم مرأة، عمرها 32 سنة، أرملة،
أمّ لـ 6 صغار، اسمها فلورانس أوينز تومسون.
كانت قاعدة تحت خيمة مصنوعة من وعود،
الصغار محشيين في بعضهم،
وهي شادة صغير على ركبتها.
مشهد يمثّل الحقبة التاريخية متع برشا أمّهات في الوقت هذاكا،
خلّاها تاخو الصورة، وقالت:
« ربما تنفع ».
أما ما توقعتش إلّي الصورة باش تولّي شعار… والمرأة تولي رمز.
المذيع:
الصورة تنشرت تحت العنوان:
« أم المهاجرة، أم لستة أطفال، مفلسة، نيبوماس – كاليفورنيا. »
في ظرف 3 أيام من نشر الصورة،
الحكومة بعثت 200 ألف دولار مساعدات،
ومراكز طبية للمعسكر هذاك.
أما فلورانس؟
كانت وقتها غادرت،
ومشت تلوج على حاجة تستحق تعبها،
وما خذات حتى شيء.
دوروثيا (تواصل):
« أنا غالطت في التفاصيل،
ما دونتش كل شيء…
لكن الصورة؟
عملت الخير،
ولاو يراها الناس،
ويتحرّكوا. »
الصورة ولّت أيقونة عالمية،
انطبعت على طوابع،
تعلّقت في معارض،
ولات تُمثّل « الصبر الأمومي » في أمريكا…
لكن فلورانس؟
كرهت الصورة.
بش نعطيكم الرد على اللي صار بعد الصورة، وعلى لسانها هي:
« أنا ما كنتش شفقة،
أنا كنت قائدة.
أنا أم، نخيط، نغسل، نعلّم صغاري.
الصورة ما ورّاتش هذا…
ورّات وجهي كي كنت مكسورة.
لكن أنا ما كنتش ضحية،
كنت قوية. »
الصورة سجّلت لحظة…
أما ما حكيتش القصة كاملة.
فلورانس كانت من السكان الأصليين، شيروكي،
عانت من تهجير أجدادها،
واليوم، ولّت وجه لأزمة،
ما عاشتش تفاصيلها كيما فسّروها…
تاريخ شخصي تمسح،
باش يولّي صورة وطنية رومانسية عن
« أم فقيرة تحضن صغارها. »
هذي الصورة…
ما كانتش مجرد فن.
كانت سياسة،
كانت ألم،
كانت نداء.
لكن…
السؤال يقعد مطروح:
وقت نصوّرو وجه،
باش نبدّلوا الواقع؟
ولا باش نخلّدوا وجيعة الناس؟
وإنت؟
وقت تشوف صورة كيما هاذي،
تتأثّر؟
ولا تعدّي وتمشي؟
الأهم من هذا الكل،
قبل ما تعمل « روتور » وتصور الواقع اللي نادي،
حط الصورة في إطارها وبكامل تفاصيلها،
باش لا يُهضم الحق،
وتمشي مواردها لناس غير معنيّة.
والصور اللي نشوفوها متع عاملات الفلاحة في الكماين؟
رانا ماريناش إلا جزء من حياتهم في ثنية.
وفي النهاية؟
الحقّ حق، والباطل باطل.