وأكّد رئيس اللجنة في بداية الاشغال أهمية الاستماع إلى عرض وزير البيئة خلال هذه الجلسة لما سيحتويه من أرقام وبرامج ومعطيات لم تتضمّنها الوثيقة المتعلّقة بمهمة البيئة من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026. وتطرق إلى الوضع البيئي بولاية قابس الذي أصبح يكتسي بعدا وطنيّا .
وأوضح الوزير في بداية مداخلته أن رؤية الوزارة لمهمة البيئة انتقلت من مرحلة النظرة العامة إلى مرحلة عملية تمثلت في وضع مخطط بيئي لكل ولاية يتفاعل مع كل المطالب. وبيّن أن وزارة البيئة تعمل في إطار الأسس القانونية لحماية البيئة والتنمية المستدامة وحق المواطن في بيئة سليمة ومتوازنة وفق أحكام دستور جويلية 2022. كما أشار إلى أن مختلف هياكل الوزارة تعمل بالتنسيق مع كافة الأطراف المعنية على إدراج الأسس الدستورية في السياسات العمومية الأفقية والعمودية، وذلك بمزيد إدماج البعد البيئي فيها بهدف تفادي وتقليص الأضرار البيئية، وحماية الصحة وضمان الرفاه لكل شرائح المجتمع، إضافة إلى ضمان استدامة رأس المال الطبيعي وتحسين كفاءة استعمال الموارد في كافة الأنشطة الاقتصادية في إطار توفير ظروف التأقلم مع التغيرات المناخية والحد من المخاطر.
كما استعرض أهم أولويات وزارة البيئة المتمثلة في دعم وتأهيل منشآت التطهير وتحسين نوعية المياه المستعملة وتثمينها وتطوير منظومة التصرف في النفايات وتثمينها، إضافة إلى استصلاح الشريط الساحلي وحمايته من الانجراف والحد من التلوث والعناية بالمحيط. هذا إلى جانب المحافظة على التنوع البيولوجي واستعادة النظم البيئية المتدهورة والتأقلم مع التحديات المناخية. كما أكّد الدعم الذي يوليه رئيس الجمهورية لقطاع البيئة حيث تمّ عقد 3 مجالس وزارية خصصت لهذا القطاع خلال هذه السنة. وشدّد على نجاح الوزارة في تغيير النظرة العامة لمهمة البيئة مؤكدا أنها لا تُختزل في موضوع النظافة بل تشمل مقاومة التلوث والتصحّر وتثمين النفايات وحماية الشريط الساحلي والمحافظة على التنوع البيولوجي.
وأفاد الوزير أن مشروع ميزانية مهمة البيئة لسنة 2026 شهد زيادة بما يقارب 10% مؤكدا مجهودات الوزارة على المستوى التحسيسي. وأوضح أن حوالي 90% من ميزانية الوزارة مخصصة لفائدة الديوان الوطني للتطهير.
وبهدف تعميم خدمات التطهير، أوضح أن 127 محطة تطهير تعمل على مدار الساعة دون توقف. وأكّد أنه تمّ اتخاذ إجراءات في هذا الصدد تتمثل في الرفع في نسبة الربط بالشبكة العمومية للتطهير، ودعم طاقة معالجة المياه وتأهيل وتوسيع محطات التطهير إضافة إلى تحسين نوعية المياه المعالجة وتثمينها وإعادة استعمالها عبر استعمال المعالجة الثلاثية لتبلغ نسبة المياه المستعملة في المجال الفلاحي والصناعي 26%. وأشار إلى سعي الوزارة إلى تدعيم الشراكة مع القطاع الخاص في هذا المجال.
وبخصوص التقليص في النفايات وتثمينها أشار الوزير إلى وجود ثلاث محطات نموذجية. وبيّن أنه سيقع العمل على احداث وحدات معالجة وتثمين النفايات المنزلية والسعي إلى معالجة ظاهرة الرفض الاجتماعي في تركيز واستغلال المصبّات المراقبة ووحدات التثمين، والعمل على إيجاد حلول لعديد المشاريع المعطلة في هذا المجال.
وفيما يتعلق بحماية وتهيئة الشريط الساحلي، أشار إلى ضعف الميزانية المخصصة لوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي، وأكّد سعي الوزارة إلى توفير الاعتمادات المالية اللازمة في إطار اتفاقية هبة بقيمة 240 مليون دينار لتهيئة الشريط الساحلي. وأوضح أنه تمّ اتخاذ إجراءات تتعلق بتوفير الصيانة الدورية للشواطئ وبإحداث محميات بحرية وساحلية إلى جانب استكمال مشاريع حماية الشواطئ من الانجراف البحري.
وفي مجال حماية المحيط وتكثيف الرقابة البيئية أكّد وزير البيئة سعي الوزارة إلى تطبيق إصلاحات هيكلية وتنظيمية لنشاط التقييم البيئي وتنظيم العلاقة مع طالبي خدمات الوكالة الوطنية لحماية المحيط، من خلال اعداد مشروع تحيين للأمر عدد 1991 لسنة 2005 المتعلق بدراسات المؤثرات على المحيط يهدف بالأساس إلى تطوير وتبسيط الإجراءات الإدارية والقانونية المتعلقة بها عبر اعتماد كراس شروط في الغرض.
وفي إطار الحد من التلوث الناتج عن الفوسفوجيبس أوضح أن قرابة 8 ألاف هكتار من خليج قابس ملوث بمادة الفوسفوجيبس التي أثرت سلبا على الكائنات البحرية، مؤكدا ضرورة التوقف عن سكب مادة الفوسفوجيبس في خليج قابس والسعي إلى الاستفادة من تجربة تبرورة في مدينة صفاقس هذا إلى جانب العمل على اعداد دراسة لجهر 9000 هكتار من قاع البحر لتحسين الوضع البيئي.
واستعرض وزير البيئة في الختام مسألة النظافة العامة والجمالية الحضرية، مشيرا إلى وجود تنسيق بين وزارة البيئة ووزارة الداخلية والولاة ورؤساء البلديات لإرساء ثقافة النظافة عبر وضع برنامج تحسيسي في الغرض. كما أكّد سعي الوزارة إلى مواصلة مسار تطوير وملاءمة الإطار التشريعي مشيرا إلى التوجه إلى تجميع النصوص المتعلقة بقطاع البيئة عوض اعتماد مشروع مجلة البيئة الذي يحتوي على قرابة 400 فصل وذلك في إطار الاستئناس بالتجارب المقارنة.
وثمن النواب في تدخلاتهم ما تقوم به الوزارة من مجهودات مقابل ضعف الميزانية المخصصة لمهمة البيئة والتي لا تتماشى وحجم التحديات البيئية وتحول دون تنفيذ السياسات والمشاريع البيئية الحيوية. وأكّدوا أن الوضع يتطلب توفير خطوط تمويل حتى يتسنى تنفيذ المشاريع المبرمجة. وتقدّموا بعدد من الاستفسارات والتوصيات تمحورت خاصة حول ضرورة معالجة الوضعية البيئية الكارثية لولاية قابس وما انجر عنها من وضعية صحية واجتماعية تتطلب التدخل العاجل وتفعيل الادارة الجهوية للبيئة في قابس والتصدي للتلاعب والتقصير بالنسبة للبرامج والمشاريع البيئية الموجهة لهذه الولاية. وشدّدوا على ضرورة تكريس مفهوم العدالة البيئية في دولة العدالة الاجتماعية. وتساءلوا عن أسباب تعطّل عدد من المشاريع البيئية في عدة جهات وطالبوا بتشجيع بعث شركات أهلية في المجال البيئي. وأكدوا على ضرورة العمل على تغيير التشريعات المتعلقة بالإشغال الوقتي ومزيد دعم وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي بالموارد البشرية واللوجستية.
وأكد النواب ضرورة الاستفادة من الفرص المتاحة بمناسبة انعقاد المؤتمرات الدولية المتعلقة بالمناخ في ظل الأزمة المناخية الراهنة. وشددوا على ضرورة مضاعفة مجهودات الوزارة في التنسيق بين مختلف الإدارات الراجعة إليها بالنظر من ناحية، وبين الوزارة ومختلف الوزارات الأخرى المتدخلة في المجال البيئي من ناحية أخرى، مع إدخال الرقمنة وتطوير الخدمات لضمان حسن إنجاز المشاريع البيئية والوقوف على النقائص في الوقت المناسب.
وفي إجابته على مجمل المداخلات والتساؤلات، أفاد الوزير والإطارات المرافقة أنه تم عرض توجهات ديوان التطهير لسنة 2035 على مجلس وزاري مرتين لضبط استراتيجية للتوجهات المستقبلية لديوان التطهير. كما أكّدوا أن لدى الوزارة حلولا وبرامج جاهزة في مجال التطهير ومقاومة التلوث وتثمين النفايات وحماية الشريط الساحلي إذا ما توفرت التمويلات.
وبخصوص الوضعية البيئية بولاية قابس أوضحوا أن الملف يشهد متابعة مباشرة من السيد رئيس الجمهورية وأن الوزارة تعمل على استحثاث المشاريع التي تم التعهد بها مؤخرا من طرفها.
