البو الي شد ولدو اما منجمش يشد الروح متاعو #صورة_و_حكاية_مع_حسام_بن_نصر

غزّة… دير البلح.
نهار كي النار، وسماء ما عادش تظلّل بسحاب
سماء فيها موت يطيح، موش مطر
قدّام الدار، كان عمر يلعب كورة
طفل، 12 سنة، ضحكتو عالية، صوته يسبقو
وفي رمشة عين، تبدّل كل شيء
لا كورة، لا صاحبو، لا دار
كان ثمّة صاروخ، لا أكثر ولا أقل.
نايل البغدادي… هوا بو عمر…
كان في سبيطار، يداوي في خوه المضروب.
جا تليفون، قالّو ولد عمّو كلمة وحدة: « عمر استُشهد. »
جابتلو الامبيلونس عمر
ما قال شي، ما بكاش، شدّو كأنّه يجمّعو من الموت
شدّو بقوّة، ما حبّش يحطّو على الأرض.
رفض يسيّبو.
رفض يخلّيه وحدو… حتى فالمشرحة.
الصورة إلّي التقطها عبد الكريم حنّا ما هيش مجرّد صورة.
كرطوشة على جبين العالم
راجل، شدّ جثة ولدو، ويسكّر عينيه،
مش اما رفض،
رفض للمنطق هذا،
رفض لفكرة أنّ طفل يموت، والعالم ساكت،
ساكت كأنّو ماهوش شايف
شدّو… كفّنوه… صلّاو عليه…
لكن عمر، ما خرجش من حضن بوه
حتى آخر حفنة تراب.
قد مشد الجثة متع ولد واختضنها
منجمش يشد الروحة لي خرجة منو.
وينو الضمير؟
وينهم الشعوب إلّي تساند « الحرية »؟
الحياة موش حق الأهل فيلسطين
الحق في العيش موش حق الأهل غزة
الي هوما يعيشو في سياسة التجويع قدام العالم
ولا الحكاية حرية كي تعجبنا،
وسكوت كي توجعنا؟
هاذي ما هيش قصة موت.
هاذي قصة موقف.
قصة وطن يُدفن كل نهار، ويرجع كل ليلة بصورة.
صورة… نعم.
لكنها حجّة، سلاح، وثيقة، وصرخة ما تتكمّمش.
فمّا صور تتعدّى…
وفمّا صور تبدّل التاريخ.
الصورة هاذي… ما تنجمش تتعدّى.
لازمك توقف، تتنفّس، وتشهد.
تشهد وتقول:
« أنا شفت. وأنا ما نسيتش. »
عمر استُشهد
لكن بوه… ما دفنوش.
هو دفن الصمت.
هو حضن فلسطين… حضنها كيف حضن ولدو.
»صورة مابدلتش العالم »…
ما هوش شعار،
هو وعد:
ما ثماش وجيعة تتنسى،
وما ثماش احتلال يدوم،
وما ثماش دمعة تبرد…
إذا كان ثمة شعب يفكّر… ويصوّر… ويقاوم.
في صورة أخرى…
من أرض ما تتباعش،
ومن وجيعة… ما تسكتش
شدّ ولدو…
ما بكاش… ما صاحش…
غير قلبو هو اللي يصيح.
المشهد هذا… شفناه قبل.
موش في نشرة أخبار،
في فيلم… في السينما.
مايكل كورليوني،
في The Godfather Part III،
كي شاف بنته Mary تتقتل قدّامو،
مدّ يديه، خل فمو،
حبّ يصيح…
لكن ما خرج حتى صوت.
المخرج فرانسيس فورد كوبولا،
ما خيّرش الصمت عبث…
هو يعرف:
وقت اللي الصوت يموت،
الوجيعة تولّي اقوى…
أصفى… أعمق.
مايكل كورليوني، في السينما،
يعبّر، بصيحة، بلا صوت
شافها العالم الكل
و خلت فيلم العراب من اقوى الافلام في العالم
بمجرد لقطة و سيناريو مكتوب.
لكن نايل البغدادي،
موش بطل فيلم…
هو أب، من فلسطين.
كان في السبطار،
وصلّو خبر:
« ولدك عمر… استُشهد. »
خرج، لقى الإسعاف،
حل الباب…
وشدّ ولدو.
نفس الوجيعة.
نفس الانكسار.
لكن الفرق؟
مايكل كورليوني…
بعد المشهد، رجع لباس،
شدّ بلاطو تصوير،
وكمل حياة أخرى.
أما نايل؟
ما ثماش « Cut! »
ما ثماش « Repeat! »
ما ثماش كاميرا تتطفى.
هاذي الحقيقة، مش تمثيل.
هاذي روح طاحت،
وأب حضنها…
بالصمت، بالدم،
بدموع ما سالتش.
الصورة اللي تصوّرت،
ما كانتش مجرّد وثيقة.
كانت تاريخ.
صرخة ما عندهاش صوت،
لكن أقوى من ألف كلمة.
بين السينما والواقع،
ثمّة مشاهد تتشابه،
أما في الحقيقة،
ما ينجمش المخرج يبدّل النهاية.
السينما تجرّح…
لكن الواقع يقتل.
في المشهدين،
الأب حضن ولدو.
وفي الحالتين…
الصوت غاب،
لكن الوجيعة فضحت الدنيا.
اب روح بطل فيلم
و اب روح ناقص روح في دنية