تيزي – بشاطر: موقع أثري منسيّ ينبض بتاريخ المتوسط
تيزي – بشاطر: موقع أثري منسيّ ينبض بتاريخ المتوسط بين المرتفعات وخصوبة الأرض، تختزن تيزي ذاكرة حضارات عبرت شمال تونس من قرطاج إلى روما

يجمع هذا الموقع بين عناصر طبيعية وبشرية مثالية للاستقرار: أرض خصبة، موارد مائية، ومرتفعات استراتيجية تحيط به، تُتيح مراقبة البحر والمناطق المجاورة، وهي مقوّمات جعلت منه مركزًا مهمًا منذ العصور القديمة.
وُثّق الموقع ضمن الأطلس الأثري للبلاد التونسية تحت الرقم 32، بخريطة ولاية بنزرت. من الكاهن متمبعل إلى الأسقف أمبيفيوس: تيزي بين قرطاج وروما تعود تسمية « تيزي » إلى نقش جنائزي يعود إلى كاهن قرطاجي يُدعى « مُتمبعل »، خادم معبد أدونيس، محبوب الإلهة عشتروت.
هذا الكشف لا يسلّط الضوء فقط على المعتقدات الدينية السائدة في المنطقة آنذاك، بل يؤكّد أيضًا التفاعل العميق بين الثقافة البونية والهلينية خلال القرن الثالث قبل الميلاد.
ويرجّح أن اسم « تيزي » من أصل ليبي (أمازيغي) ويعني « الفج »، في إشارة واضحة إلى التضاريس الصخرية التي تضمّ قبورًا منحوتة في الجبال.
في العصر الروماني، واصلت تيزي دورها كمحور اقتصادي بفضل قربها من رأس إنجلة، حيث كانت تُخزن الحبوب قبل تصديرها إلى روما عبر ميناء أستيا، في إطار نظام الأنونة.
ومع انتشار المسيحية، أصبحت تيزي مقرًا لأسقفية نشطة، شاركت في مجمع قرطاج الكنسي سنة 416 م، من خلال ممثلها الأسقف « أمبيفيوس ».
تيزي اليوم: ثروة أثرية تنتظر التثمين ورغم القيمة التاريخية والحضارية الهامة، يظل الموقع مهمَلاً نسبيًا، في انتظار التفاتة جدّية من الجهات المختصّة في التراث والتنمية الثقافية.
فتيزي ليست مجرد أطلال، بل ذاكرة حيّة لتاريخ متوسطّي غنيّ، وفرصة لإحياء السياحة الثقافية بالجهة.